كثيرون في هذه الحياة لا يترددون في توزيع الاتهامات على الآخرين دون دليل مؤكد، بل لمجرد الاشتباه والظن وبعض القرائن التي يعتقدون أنها كافية لإصدار حكم نهائي، لا يضل ولا يزل ولا يخون!.
ولنا في المشهد السياسي كثير من النماذج.. وأحدثها ما نعيشه هذه الأيام. فما كان منتظرا من طي لصفحات أساليب قديمة للممارسة السياسية، في زمن نحتاج فيه إلى إعطاء صور إيجابية للداخل والخارج، لم يحدث.
وكان لنا، مجددا، موعد مع انطلاق، بشكل مبكر، موسم «الحياحة» باختيار عدد من لا يجد القدرة على ابتكار برامج تخدم الساكنة لعب ورقة «محاربة فساد» لم يفتضح لها، بقدرة قادر، إلا اليوم على بعد شهور قليلة من قيامة 2021.
بل الأكثر من ذلك، هناك من ذهب إلى حد القيام ب «تحرياته الخاصة»، والتي أوصلت إلى أن الفساد واضح في بعض الملفات وضوح الشمس.. ولا ينتظر إلا تحرك من الداخلية بفتح تحقيق بشأنها وجر المتورطين فيها إلى المساءلة.
طبعا، لا أحد منا ضد الوقوف في وجه الفساد ومحاربته لأن ذلك يأتي بالفائدة على جميع فئات وقطاعات وأفراد المجتمع، لكن مهما أبدى أصحاب هذه المبادرات من «حسن نية»، فإن الشكوك ستطولهم (لا محالة)، بأن ما يحركهم حسابات سياسية بطعم حملات انتخابية سابقة لأوانها نظرا للتوقيت والسياق التي تأتي فيه هذه الصرخات، والتي تعطي الانبطاع بأنها ضربات من خصوم يبحثون عن قلب الخرائط الانتخابية في دوائر، يرتقب أن تشهد تنافسا شرسا في الاستحقاقات المقبلة.
إن التحدي اليوم هو أن تخاض هذه المحطة دون ضغط مسبق، لذا فإن مثل هذا الموضوع لا يجب أن يكون محل مزايدات سياسية ولا يجب أن يسمح بذلك أو يفتح مجال لمثل هذه الممارسات، لما قد يكون لهذا التوجه من تداعيات. فالمسار القانوني لمعالجة هذا النوع من القضايا واضح ومعروف، وعلى من ينشد المساهمة في الإصلاح سلك هذا المسار حتى لا تقرأ بخلفيات أخرى وتلود مبادرته ميتة.