تواجه العاصمة الاقتصادية، مرة أخرى مخلفات التساقطات المطرية الغزيرة، التي تهطل منذ يوم الاثنين الماضي، مخلفة خسائر وأضرار، واضطرابات في مختلف أوجه الحياة والأنشطة وحتى حركة السير بمختلف شرايين المدينة.
فإذا كان الشغل الشاغل لساكنة الدار البيضاء خاصة، وجهة الدار البيضاء سطات عامة، قبل أيام وخلال الشهور الأخيرة، هو إحصاء أرقام الإصابات ب (كورونا) والوفيات، مع العمل في الوقت ذاته على كسر شوكة الجائحة، فإن الأمطار الأخيرة المستمرة، حولت اهتمام الناس إلى مشاهد السيول والبرك التي عاتت فسادا في الطرق والأزقة والمتاجر، وحتى بعض المنازل الهشة الآيلة للسقوط التي استسلمت فانهارت.
وبخصوص ضحايا هذه التساقطات، وحسب المعطيات المعلن عنها، فإن الأمر اقتصر لحد الآن على وفاة شخص وإصابة أربعة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة على إثر انھیار سقف فران تقلیدي، مساء الخمیس سابع يناير الجاري، على مستوى زنقة آسفي بالمدینة القدیمة جراء تھاطل الأمطار الغزیرة التي عرفتھا مدینة الدار البیضاء.
وفي التفاصيل فقد تدخلت السلطات المحلیة والأمنیة وعناصر الوقایة المدنیة لتأمین البنایات المجاورة ومباشرة عملیات الإنقاذ، كما تم نقل المصابین إلى المستشفى الجامعي ابن رشد لتلقي العلاجات الضروریة، حیث توفي واحد منھم في الطریق إلى المستشفى المذكور.
وعلى مستوى البنيات المتضررة، فإن المشاهد التي لاتخطئها العين، هي تضرر الطرق والأزقة بشكل كبير، حيث تتجمع البرك المائية التي تعيق أحيانا حركة سير السيارات. أما الطرامواي فقد نال حقه من الضرر، حيث شهدت حركة سيره “اضطرابا كبيرا”، يوم الخميس سابع يناير الجاري، وذلك بسبب الأمطار الغزيرة التي هطلت بالعاصمة الاقتصادية، علاوة على غمر المياه أحيانا سكته.
وفي ظل هذا الوضع كانت شركة ليدك (Lydec)، قد أعلنت، في بلاغ لها، عن تعبئة مواردها البشرية ووسائها المادية من أجل الحد من تأثير الأمطار الغزيرة التي تشهدتها العاصمة الاقتصادية.
وبلغة الأرقام ، التي تترجم حجم هذه التساقطات وغزارتها وقوتها، فإن حجمها، على سبيل المثال لا الحصر، من الساعة السادسة من صباح الخميس الماضي إلى غاية الساعة السادسة من صباح الجمعة المنصرمة، بلغ بالمحمدية: 107 ملم، وبالدار البيضاء-أنفا: 100 ملم، وتيط امليل: 41 ملم، وبنسليمان: 36 ملم، والجديدة: 30 ملم، والنواصر: 24 ملم، وسطات: 6 ملم.
ومن الساعة السادسة من صباح أول أمس الجمعة إلى غاية الساعة السادسة من صباح امس السبت ، بلغت ببنسليمان : 26 ملم ، والمحمدية: 22 ملم، والجديدة 21 ملم، وسطات: 16 ملم، والنواصر: 13 ملم، والدار البيضاء-أنفا: 8 ملم.
وفي ظل هذا الوضع، انعقد، أول أمس الجمعة، بمقر ولاية جهة الدار البيضاء-سطات اجتماع طارئ، خصص لتدارس آثار التساقطات المطرية القوية التي عرفتها المدينة والإجراءات الآنية والمستقبلية الكفيلة بعدم تكرار آثارها في المستقبل.
وحسب بلاغ لولاية الجهة، فأنه تم خلال هذا الاجتماع، الذي حضره الوالي الكاتب العام لوزارة الداخلية والوالي المدير العام للجماعات الترابية ووالي جهة الدار البيضاء-سطات والجنرال دوديفزيون المدير العام للوقاية المدنية والعامل المدير العام للوكالة الحضرية للدار البيضاء والعامل مدير الشبكات العمومية المحلية والعامل المكلف بتدبير المخاطر بوزارة الداخلية ورئيس مجلس جماعة الدار البيضاء والمدير العام لشركة (ليديك) وممثلي المصالح والهيئات المعنية، بحث مختلف الجوانب المتعلقة بهذه التساقطات من حيث المواقع والنقاط المتضررة ومخلفاتها على البنية التحتية وآثارها على السكان. كما تمت دراسة المشاريع المنجزة والمستقبلية في إطار عقد التدبير المفوض الذي يجمع جماعة الدار البيضاء مع شركة “ليديك”.
وأضاف المصدر ذاته، أنه تم خلال هذا اللقاء التأكيد على ضرورة اتخاذ إجراءات عملية وآنية من أجل معالجة المواقع التي تعرف تجمعا لمياه الأمطار، وذلك من خلال التأكد من انجاز عمليات التنقية والصيانة المستمرة لقنوات صرف المياه والتدخل لإنجاز الأشغال الضرورية بها وتحسين ظروف السير والتنقل داخل المدينة واتخاذ الإجراءات الاستعجالية بخصوص قاطني الدور الآيلة للسقوط وتعبئة جميع الموارد والوسائل لهذه الغاية.
وفي السياق ذاته، قام والي جهة الدار البيضاء -سطات، وعامل عمالة الدار البيضاء، السيد سعيد احميدوش، أمس السبت، بزيارة تفقدية لعدد من الأسر والأماكن المتضررة جراء التساقطات المطرية الغزيرة التي شهدتها العاصمة الاقتصادية في الأيام الأخيرة على غرار العديد من مدن المملكة.
وهكذا زار الوالي مجموعة من النقط المحورية على مستوى النفوذ الترابي لكل من عمالة مقاطعات الدار البيضاء آنفا وعمالة مقاطعات سيدي البرنوصي وكذا عمالة مقاطعات مولاي رشيد، والتي تضررت بفعل السيول.
كما اطلع الوالي على وضعية المباني الآيلة للسقوط بالمدينة العتيقة ومنطقة لهراويين التي تضرررت بشكل كبير، مما حتم إيواء عدد من ساكنتها بشكل مؤقت بإحدى المؤسسات التعليمية، فضلا عن معاينة حالة الطرق والمنشآت بمدار باشكو والطريق السيار الرابط ما بين الدار البيضاء والمحمدية.
وفي سياق متصل عقدت لجنة المرافق العمومية والممتلكات والخدمات التابعة لجماعة الدار البيضاء ، اجتماعا خصص لتدارس آثار التساقطات المطرية الأخيرة وتقييم الأضرار التي خلفتها بعدة أحياء بالمدينة. لقد شكلت العاصمة الاقتصادية خاصة وجهة الدار البيضاء سطات عامة، الرئة الكبرى التي يتنفس منها الاقتصاد الوطني، كما تشكل امتدادا جغرافيا مهما، وتجمعا ديمغرافيا كبيرا، ولذلك فإن سؤال التنمية المحلية المرتبط في جانب منه بالبنيات التحتية والمنشئات المستوعبة للدينامية الكبيرة، التي تشهدها الجهة، يطرح نفسه بحدة.
بيد أن تكرار مشاهد اختناق المياه، كلما جادت السماء بغيتها الوفير، وتحولها إلى سيول مضرة بحياة الناس وأنشطتهم وأملاكهم، يضيف أسئلة أخرى محيرة بشأن تحديد المسؤوليات، مع العمل على عدم تكرار ما جرى.