ودعت بلادنا فيما ودعت خلال العام المنقضي عددا من خيرة أبنائها البررة الذين لم يبارحوا أماكن عملهم إلا محمولين على النعوش إلى دار البقاء.
وكما أنهم عملوا في صمت طيلة مدة خدمتهم، فإنهم أيضا غادروا دون أن ينتبه إليهم أحد رغم ما قدموه لوطنهم ومجتمعهم من خدمات وأعطوا فيها كل ما لديهم من حيوية وعزيمة حتى الرمق الأخير.
وعلى رأس خدام الدولة والمجتمع هؤلاء يوجد رجال الداخلية بمختلف مراتبهم الذين لا تخفى أياديهم على الوطن في استقراره وتنميته و ازدهاره.
فرجال السلطة لهم ضلع في الأمن والعمل الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والتنشيط الثقافي والرياضي وتنظيم العمران وتنزيل سياسات الدولة برمتها.
لقد غيب الموت الكثير من خدام الوطن الأوفياء الذين ماتوا وهم يؤدون الواجب، فلم يحظوا بما يحظى به الفنانون ورجال الأعمال وحتى نجوم الكرة من نعي وتأبين ورثاء رحمهم الله وأجزل العطاء لهم نظير ما قدموه للمواطنين وما أخلصوه لملكهم و قسمهم. هم الذين لم يتمتعوا في حياتهم بما يحظى به المواطن البسيط من حرية وحقوق.
فالوالي والعامل والباشا والقائد عبد مملوك للمجتمع مثقل بالمسؤوليات في دائرة عمله.. دائم التجند والتعبئة.. لا ينام ملء جفنه، لا يكاد يأخذ من عطلته إلا أيام معدودة، يبقى أثناءها على أهبة الطوارئ. لا يغادر مكانه إلا لمكان غير معلوم. الخلوة عنده محظورة.. التنقل مراقب وغالبا ما يحرم من العيش الأسري لأن أبناءه مرتبطون بالدراسة، وهو مجبر على الاشتغال.
رجل السلطة مسؤول سياسي وإداري واقتصادي واجتماعي. مسؤولياته : الصحة والفلاحة والصناعة والانتخابات والسياسة وكل اللائحة طويلة( …) عمله كالسير على الجمر أو الخوض في حقل ألغام، كل الأعين تنظر إليه وكل الفئات تحصي أنفاسه وترتقب هفواته .
فرحم الله رجال السلطة الذين توفاهم الله السنة المنصرمة، ولم يذكرهم إلا القليل.
ونستحضر هنا من بينهم الحسين عبد الخالقي، عامل طانطان، الذي حصده (كوفيد ـ19) اللعين، وعبد المجيد الكاملي عامل شيشاوة الذي توفي إثر جلطة دماغية ناجمة عن الإجهاد، والمرحوم نور الدين عبود عامل عمالة مولاي يعقوب الذي افترسه السرطان، وأيضا رئيس دائرة إيسلي بوجدة الذي قضي عليه وباء (كورونا) وآخرون. أنابهم الله جميعا وأجزاهم عنا خيرا. وإنا لله وإنا إليه راجعون.