حذرت دراسة جديدة من أن جزيئات فيروس (كورونا)، التي تخرج من فم شخص لا يرتدي كمامة في مساحة ضيقة مثل الممر، يمكن أن تبقى خلفه عالقة في الهواء لعدة ثوان.
وبحسب ما نشرته “ديلي ميل” البريطانية، أجرى باحثون صينيون عمليات محاكاة حاسوبية تظهر ما يحدث للجسيمات بعد السعال الصادر عن شخص يمشي إلى الأمام. وتبين أن الهواء المتطاير والدوامات تسمح للجسيمات بالطوفان لما يوازي ارتفاع خصر الإنسان في الهواء ولمسافة تمتد حتى خمسة أمتار خلف الشخص المصاب، مما يطرح مشاكل كبيرة للتباعد الجسماني ويزيد من خطر نقل العدوى للأطفال، والذين ينقلون العدوى بدورهم للكبار في المنازل.
اختلاف سلوك الجسيمات
استخدم باحثون من الأكاديمية الصينية للعلوم في بكين مثالا لرجل بطول 1.8 متر يسير بسرعة 1.5 متر/ثانية في المحاكاة الحاسوبية. وقاموا بوضع نموذج لما سيحدث إذا قام الرجل بالسعال، دون أن يكون مرتديا كمامة، في حالتين أولهما بمساحات مفتوحة واسعة والثانية في ممر ضيق.
وركزت الدراسات السابقة بشكل شبه حصري على انتشار الجسيمات المعدية في الأماكن المفتوحة. ولكن بحثت الدراسة الجديدة في كيفية اختلاف سلوك الجسيمات إذا تم إطلاقها في مكان مغطى وضيق.
“الوضع المنفصل”
واكتشف الباحثون أنه عند المشي في أماكن ضيقة، تتبع القطرات المحمولة جوا التي ربما تحمل الفيروس القاتل نمطا محددا، يطلق عليه اسم “الوضع المنفصل”.
ويظهر التصور الحاسوبي أن الجسيمات تتدفق خلف شخص بواسطة التيارات الهوائية التي تحدث أثناء سيرها وتنفصل سحابة من القطيرات عن الجسم وتشكل كتلة من الهباء الجوي المعدي تمتد لمسافة عدة أمتار خلف الشخص.
ولاحظ الباحثون أن قطرات الماء المحمولة جوا تكون شديدة التركيز وتتشكل كنتيجة مباشرة للجدران التي تقصف وتوجه الهواء في اتجاه واحد.
“فقاعة إعادة الانتشار”
في المقابل، فإنه حين يكون السعال في مكان مفتوح، فإن قطرات السعال المحملة بالفيروسات تتبع مسارا مختلفا، حيث يندفع الهواء فوق أكتاف الشخص وأسفل ظهره، ويتدفق أيضا حول الخصر وأعلى الظهر، مع التقاء كلا التيارين في المنتصف. ومن ثم تتشابك الجزيئات الناتجة عن السعال بمكان مفتوح لتُشكل ما يسمى “فقاعة إعادة الانتشار”.
ذيل طويل غير مرئي
وأوضح الباحثون أن الجزء الأكبر من الجسيمات يبقى حيث حدث السعال، ولكن ينتشر بعضها أيضا وراء الشخص أثناء سيره، فيما يشبه ذيلا طويلا ورفيعا وغير مرئي من جزيئات فيروس (كورونا).
خطر العدوى للكبار والأطفال
يقول الباحثون إن السعال في ممر ضيق يمثل بشكل خاص خطرا كبيرا على الأطفال لالتقاط عدوى الفيروس نظرا لأن أطوالهم تصل إلى حدود ارتفاع خصر الكبار.
وقال الباحث البروفيسور شياو لي يانغ “تكشف النتائج عن ارتفاع مخاطر انتقال العدوى إلى الأطفال من الأشخاص الذين يسعلون بدون كمامات في ممر ضيق طويل”، مشيرا إلى أن تركيز القطرات يكون أعلى بكثير في الممرات الضيقة ولمدة خمس ثوان بعد السعال بالمقارنة مع المساحات الواسعة المفتوحة.
تحدي المسافات الآمنة
تبرز نتائج الدراسة أن هناك تحديا كبيرا فيما يتعلق بتحديد مسافات تباعد جسدي آمنة في أماكن مثل الممرات الضيقة للغاية، حيث يمكن أن يستنشق الشخص قطرات فيروسية حتى لو كان الشخص المريض يسير بعيدا أمامه.