تحتضن جهة الدار البيضاء-سطات ثروة شبابية مهمة، إذ تمثل هذه الفئة 65.6 في المائة من مجموع الساكنة، ما يجعل منها قوة مؤثرة في مسار تنمية كبرى جهات المملكة، لتتصدر مخططات التنمية الجهوية، التي باتت تراهن على إدماجها بشكل حقيقي في الدورة الاقتصادية، عبر تشجيعها على الابتكار والإبداع وروح المبادرة.
فهذه الجهة غنية بمواردها الشابة المؤهلة، إذ إنها تضم ثلاث جامعات عمومية، تمكنت من تكوين 60 ألف طالب سنة 2017، علاوة على شبكة مهمة من مراكز التكوين التي تخرج نحو 70 ألف شاب و شابة مؤهلين في شتى المجالات، ناهيك عن مراكز التكوين الخاصة، ما يعزز خزان جهة الدار البيضاء-سطات من المهارات والكفاءات في مختلف التخصصات.
وانطلاقا من سعي الجهة إلى أن تصبح فضاء حاضنا للمبادرات الحرة وتشجيع الاستثمار في صفوف الشباب، واعتبارا للدور المحوري للمؤسسات الجامعية في مد الجهة بالكفاءات والموارد المؤهلة، خصص المجلس، في دورته الأخيرة، غلافا ماليا هاما يقدر ب 10 مليون درهم لإنجاز مجموعة من المشاريع النوعية من قبيل تنمية الحس المقاولاتي لدى الشباب داخل أقطاب التميز الجامعي، وضمنه تقديم دعم خاص لـ 75 شابا يمتلكون أفكارا مبتكرة من خلال الاحتضان والتكوين والمواكبة.
وفي السياق ذاته، جاءت مبادرة مجلس الجهة إلى دعم روح الابتكار والمبادرة الشبابية في القطاع الفلاحي والمجال الزراعي، عبر توفير المواكبة الفنية لحاملي المشاريع الشباب لمساعدتهم على بلورة أفكارهم، وضمان قابلية تمويل مشاريعهم الفلاحية.
كما جرت المصادقة على إنشاء مركز جهوي ذي بعد إفريقي بهيئة القطب المالي للدارالبيضاء، لدعم المقاولات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، وضمان استدامتها ونموها، عبر استثمار الخبرة المالية والمؤسساتية لهيئة القطب المالي للدار البيضاء في هذا الاتجاه.
ولتنمية الحس المقاولاتي لدى الشباب داخل أقطاب التميز الجامعي، أبرم المجلس اتفاقية شراكة مع المؤسسات الجامعية الثلاث بالجهة بهدف تقوية روح المبادرة لدى الشباب وتنميتها، والتشجيع على خلق مشاريع ابتكارية موجهة نحو التحديات التي تواجه تراب الجهة، والعمل على تطوير أقطاب التميز الجامعية القائمة على الدعم والتكوين.
وستقوم هذه الشراكة على تنفيذ 5 مكونات تتيح متابعة ما بعد الإنشاء لـ 24 مقاولة ناشئة، وتشمل الدعم الفني داخل فضاءات الجامعات الثلاث لحاملي المشاريع الشباب، والارتقاء بمهاراتهم، وكذا تطوير آليات التواصل بين المجال الأكاديمي والمتدخلين الاقتصاديين بالقطاع الخاص، وتمكين المقاولين الشباب من الولوج إلى أنظمة خلق المقاولات والتكنولوجيا والأسواق.
كما تهم تلك المكونات متابعة ما بعد الإنشاء لـ 8 مقاولات ناشئة بالنسبة لكل جامعة، من بين 25 مستفيدا مبدئيا من طلب المشاريع والتي ستطلق بالجامعات الثلاث، والتواصل حول سبل تعزيز إمكانات رأس المال البشري بتراب الجهة من خلال أقطاب التميز الجامعية.
وقد حددت الميزانية المخصصة لهذا المشروع في 12 مليون درهم (4 مليون درهم لكل مشروع جامعي) مبرمجة على 42 شهرا من الشراكة المذكورة، على أن تخصص كل جامعة من الجامعات الثلاث 2 مليون درهم لتمويل مساهمتها في المشروع، في حين تخصص الجهة 6 ملايين درهم لتمويل حصتها.
ولتشجيع البحث العلمي والتقني والابتكار، وإدماج الجامعة في محيطها، والنهوض ببرامج تشجيع الابتكار بها، عمل مجلس الجهة على اتخاذ مبادرات، إلى جانب شركاء متعددين، في اتجاه النهوض بالمقاولة الشبابية، لا سيما في القطاع الفلاحي.
وفي هذا الإطار، جاء توقيع اتفاقية الشراكة مع المعهد الوطني للبحث الزراعي من أجل تطوير وتقوية روح المبادرة والابتكار ودعم المشاريع المبتكرة في المجال الزراعي.
ويتضمن مشروع الشراكة محاور تتوزع، على الخصوص، على الدعم الفني والتكوين لحاملي المشاريع بالاعتماد على مجموعة من الأطر والمكونين والموجهين داخل فضاءات المعهد، علاوة على تكوين متخصص لرواد الأعمال الشباب والتعاونيات لتحسين القدرات، مع تنظيم ندوة جهوية، بعد 8 أشهر من الاحتضان، لتقاسم الأفكار المحتضنة مع المتدخلين المعنيين بتطوير هذا القطاع.
ولتنفيذ اتفاقية الشراكة هذه، التزم مجلس جهة الدار البيضاء-سطات بتمويل المشروع بكامله، إذ سيتم منح وتحويل مبلغ 750 ألف درهم إلى المعهد للدعم والتدريب المخصصين لـفائدة 15 من حاملي المشاريع الذين سيتم اختيارهم بعد طلب للمشاريع.
غير أن الدعم الموجه من قبل الجهة لتحفيز الشباب على الابتكار في مجالات متعددة، يشمل أيضا مساندة الشباب الراغبين في إنشاء مقاولات تهتم بالمجالين المالي والتكنولوجي، حيث تم، في هذا الشأن، المصادقة على اتفاقية شراكة وتعاون بين المجلس وهيئة القطب المالي للدار البيضاء من أجل خلق قطب جهوي ذي بعد إفريقي لدعم المقاولات الناشئة في المجال المالي المعتمد على التكنولوجيا (FINTECH).
وتهدف إلى إنشاء مركز جهوي ذي بعد إفريقي بهيئة القطب المالي للدارالبيضاء، لاستقبال واحتضان مقاولات التكنولوجيا المالية الناشئة، وتعزيز بيئة اشتغال مقاولات التكنولوجيا المالية المبتكرة عالية النمو، ودعم تنشئتها واستدامتها ونموها.
وضمن هذا المشروع، الذي حددت ميزانيته في 5ر2 مليون درهم خلال السنة الأولى، حيث تمول الجهة المشروع بـ 2 مليون درهم، سيتم منح 250 ألف درهم مباشرة لثماني شركات مغربية ناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، والتي سيتم اختيارها بناء على “طلب المشاريع 2021”.
كما ستخصص هيئة القطب المالي للدار البيضاء للمشروع اعتمادا بقيمة 500 ألف درهم، لتغطية تكاليف إدارة المركز الجهوي، وإجراءات التواصل وإعداد الرؤية للمركز المذكور، طوال السنة الأولى.
وتأتي هذه المبادرات في سياق مخطط تنمية جهة الدار البيضاء سطات، الذي تمت المصادقة عليه في مارس 2017 بنسليمان، والذي يتم تنزيله عبر محاور تتمثل في “الوسط القروي المندمج” الذي يقترح مشاريع مبتكرة من خلال مقاربة مندمجة لإشكاليات العالم القروي، و”التنقل الجهوي” الهادف إلى الربط الداخلي والخارجي لتراب الجهة، إضافة إلى “المقاولة والابتكار والشغل” الرامي إلى تحسين كبير للقدرة التنافسية لمقاولات الجهة وجذب الاستثمار.
كما تشمل “الجاذبية الاجتماعية والثقافية وجودة الحياة” من أجل جعل تراب الجهة فضاء جذابا وباعثا على تفتح المواطن، و”أجيال المستقبل” الذي يهدف إلى الحفاظ على البيئة الطبيعية من خلال مشاريع مرتبطة بالماء وبمعالجة النفايات وجودة الهواء.