المكان مدينة وجدة، كانت انطلاقتي من البيت اليوم الأحد على الساعة السادسة صباحا ارتديت زي الصيد وضعت سترة الرصاص حملت البندقية وانطلقت صوب منطقة غابوية محادية للحدود المغربية الجزائرية يطلق عليها اسم “يازيرة”.
بين التلال و الأشجار والوديان بدأت رحلتي أنا و مرافقي عمي و ابنه بحثا عن الأرانب البرية أو طيور الحجل، ذلك المخلوق الساحر مزركش الريش ” ثعلبي الذكاء” نادر المصادفة الذي عندما تراه تشعر وكأن قلبك سيغادر القفص الصدري ويلحقه،عندما يطير أمامك ينتابك مزيج من الفرحة والخوف و التحدي و…. المهم “سلطة أحاسيس”.
ست ساعات من المشي المتواصل لم نستمتع حتى بمشاهدة هذه الطرائد و لو عن بعد، لا طير يطير ولا وحش يسير ،الصدق أقول وبدون مبالغة لم نرى حتى عصفورا يحط على غصن شجرة، أذلك سببه الجفاف الذي عرفته المنطقة لمدة سنتين أم الصيد السري أم هي ببساطة لعنة “آمون” لاحقتنا هذا الموسم. جاء الفرج أخيرا و فتحت علينا أبواب الرزق المفاجئ.
أطائر حجل ذلك أم أرنب؟ لا ذلك ولا ذاك و إنما “جربوع” صغير خرج من حفرة فكانت رصاصة في انتظاره، أعلم أن ما فعلناه مهزلة صيد مخلوق شبيه بالفأر لا يغني و لا يسمن من جوع، لكن ست ساعات من المشي دون إطلاق رصاصة واحدة سيجر علينا سيلا من الإنتقاذات وسخريات الأهل، أن نأتيهم بجربوع خير من أن نرجع خاليي الوفاض ما فعلناه حفظ للكرامة وحتى لا يشك في مهاراتنا في الصيد و يعود اللوم على الجفاف والصيد الجائر.
كتبت هذه الأسطر وأنا تحت شجرة آخد قسطا من الراحة، لأكمل بعدها مسيرتي بحثا عن طائر الحجل الذي طار بعقلي إلى المجهول إلى حين إيجادي له لا تنسوا أن تدعوا لنا بالتوفيق.