فاطمة الزهراء رزق الله
أصدر المؤرخ طيب بياض إنتاجا فكريا يعتبر الأول من نوعه ،خاصة حينما يطرح إشكالية صناعة التاريخ ومهنة الصحافة ،إستهل الكتاب بحديثه عن التاريخ كصناعة متقنة يشتغل المؤرخ على حبكة أحداتها وإخراجها من طابع تقليدي إخباري أكل الدهر على سرده وتحويلها إلى نص تحليلي حجاجي بلمسة ادبية،ومسائلة أفلاطونية ،وإجابة تاريخية ألم ينجح قيصر مدرسة الحوليات مارك بلوخ في ثورته ضد القديم وتمرده على الوثيقة ليخلع رؤية ضبابية كانت تنظر إلى التاريخ، ويلبس ثيابا جديدة حداثية تساير متطلبات الثقافية.
تكامل وتفاعل التاريخ والصحافة
إن عمل المؤرخ لايقتصر فقط في البحث عن الحدث ،بل ايضا التنقيب على حيثياته والتقصي حول حقيقة الحدث ،بإتسحضار الماضي في الحاضر وإستشراف المستقبل هنا لابد للإشارة إلى مفهوم مهم”القاضي” ومهنة التحقيق، لتلتقي مهمة المؤرخ التي تشخصت لنا في حضور المؤرخ طيب بياض ،والصحفي ادريس كسيكس تجربتين تجسدان ضرورة حاجة كل طرف إلى الآخر.
الصحافي بيت التكوين والبحث
يعتبر البحث عن التجديد والإطلاع المستمر ،على باقي الأجناس الصحفية تجعل الصحفي مميزا قلما وفكرا ، شأنه شأن المؤرخ ثم يستدرج الصحفي في عرض تجربته والإرهاص الذي يحول دون إمكانية التجديد لعل أهم أسبابه قلة البحث ،والسقوط في لازمة وقف عليها الزمن وعهد الصحفين لها بالوفاء”الخبر مقدس والتعليق حر”.
لاشك أن التقارب العملي والمنهجي الذي يكتبان به عامل مساعد فحينما تلتقي الجرأة الصحفية والصرامة التاريخية تكتمل الصورة لدى القارئ وهنا يستدل المؤلف بأسماء سطع نجمها في المجال الصحفي والإعلامي “محمد باهي حرمة”الإنسان المثقف ،ظل مقاوما بعموده ومخلصا للتاريخ ،و”العربي المساري” وغيرها من الإسماء اشتهرت بكتاباتها في جريدةالإتحاد الإشتراكي ،متلث بحق الصحافة التاريخية ،وعكست هم ذلك المثقف الذي طالما ناضل لأجل العلم