اختارت بعض الدول، مؤخرا، أن تخفف القيود المفروضة لتطويق فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، في مسعى إلى إعادة الحياة للاقتصاد الذي أصابه الشلل، لكن إعادة الافتتاح صارت تنذر بـ”انتكاسة” وعودة منحى الإصابات إلى الارتفاع.
فقد سجلت ألمانيا، مثلا، وهي بلد تعامل مع الوباء على نحو “ناجع”، ارتفاعا في معدل انتقال الإصابة، أي أن الشخص المصاب في البلاد صار أشد عدوى وفقا لصحيفة “الغارديان” البريطانية.
وأورد المصدر أن هذا المعدل الذي يعرف في الوسط الطبي بمعدل إعادة إنتاج الفيروس ويتخذ رمز “R” قفز إلى 1.1 في المئة، بعدما كان أقل من ذلك، لكنه تفاقم بعد أيام قليلة من تخفيف القيود المفروضة بسبب الفيروس.
أما كوريا الجنوبية التي نجحت بشكل كبير في تطويق الفيروس، بعدما كان ثاني بلدان العالم من حيث عدد المصابين، في فبراير الماضي، فصارت تلاحظ أيضا ارتفاعا في عدد من يصابون ب (كورونا).
وفي أحدث قرار لكبح انتشر فيروس كورونا في البلد الآسيوي، أمرت سلطات العاصمة الكورية الجنوبية سيول بإغلاق الحانات بعدما كانت تلزمُ المحلات بإجراءات أخف، في وقت سابق، من خلال مراعاة مبدأ التباعد الاجتماعي وتفادي الاكتظاظ، لكن من دون إغلاق شامل.
وتم اتخاذ هذا القرار بعد تسجيل ما يقارب 20 حالة مرتبطة بشاب في التاسعة والعشرين من عمره سبق له أن قضى وقتا في خمس حانات داخل العاصمة، خلال نهاية الأسبوع الماضي.
وتجاوز عدد المصابين بفيروس كورونا المستجد في العالم حاجز أربعة ملايين، فيما تجاوزت حصيلة الوفيات 280 ألفا، في ظل غياب أي لقاح ناجح للوقاية من العدوى التي ظهرت في الصين، أواخر العام الماضي.
في غضون ذلك، ذكرت صحيفة “صنداي تايمز” أن حصيلة الوفيات الناجمة عن كورونا في البلاد قد ترتفع إلى 100 ألف، في حال رفعت القيود على نحو سريع.
وتأتي هذه التحذيرات فيما يستعد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، لإعلان خفض تدريجي للقيود لكن العلماء يحذرون من موجة تفش ثانية، إذا تم التراجع عن الإجراءات الصارمة.
أما في السويد التي راهنت على ما يعرف بـ”المناعة الجماعية” أو “مناعة القطيع” لأجل السماح بإصابة الناس في نطاق محدود بالفيروس حتى يكتسبوا مناعة ضد المرض، مقابل حماية كبار السن باعتبارهم الأكثر عرضة، فأقرت الحكومة بأنها فشلت في حماية هذه “الشريحة العمرية” ووصفت ما حصل بـ”الفشل الجماعي”.
وتشير الأرقام إلى أن 90 في في المئة من حصيلة وفيات كورونا في السويد سجلت لأشخاص تجاوزوا السبعين من العمر، وهذا الأمر دفع حكومة البلد الآوروبي إلى تقديم اعتذار عن عدم حماية كبار السن على النحو المطلوب.
وتجد حكومات العالم نفسها أمام خيارين صعبين، فإما أن تخفف القيود حتى تسمح ببعض التعافي في الاقتصاد، أو أن تتشبث بالإجراءات الوقائية المشددة، مما يعني ارتفاعا مهولا في معدل البطالة وتراجع الإنتاج.