محلل نفساني: غياب ثقافة وآداب الأكل يتسبّب في “تكّْراع المغاربة”

5 نوفمبر 2017آخر تحديث :
محلل نفساني: غياب ثقافة وآداب الأكل يتسبّب في “تكّْراع المغاربة”

نقلا عن موقع هسبريس ( بث تجريبي )

ألاحظ المغربي “يْتْچْرّْعْ”، سواء على طاولة الأكل أو المقهى أو حتى في الإدارات وأثناء الحديث مع الناس، بدون حرج وأتساءل: هل هو واع بأنه يزعج الآخرين بحركة فمه وبطنه وتنفسه وبالصوت المزعج والرائحة الكريهة وفي غالب الأحيان لا يبتعد عنك سوى ببعض السنتيمترات وأنفك يستقبل غازه الخام الخارج من فمه!

والغريب في الأمر هو أنه بالرغم من عدم احترام الحاضرين ينهي “تْچْرِعْةُ” بِـ”الحمد لله” ويطيل في نطقها وغالبا ما يعيد “التّْچْرِعَة” ومرات ويُعيد بالوتيرة نفسها “الحمد لله”. على ماذا يحمد الله؟ على سوء أدبه وعدم احترامه الآخرين وتلويثه فضاء المكان بمنتجاته الغازية الكريهة؟

التجشؤ أو “تّْچْراعْ” شيء طبيعي مثله مثل إخراج الريح من المؤخرة ولا فرق بينهما. فلماذا نعتبر إخراج الريح شيئا غير مقبول في المجموعة ويبطل الوضوء و”ْتّْچْراعْ” شيئا عاديا ومناسبة ثمينة لحمد الله؟

حاولت تحليل هذه الظاهرة المخجلة والمألوفة في ثقافتنا والتي تصدمني كلما صادفتها. وهذه بعض التفسيرات والأسباب:

1- كيف نفسر التجشؤ:

– هي غازات بداخل المعدة تصعد لتخرج من الفم لتقليص حجم المعدة لكي تتم عملية الهضم،

– بإمكان الفرد التحكم في التجشؤ أو القيام به في عزلة بدون سيمفونيا تزعج السامعين،

– هناك التجشؤ المرضي الراجع إلى أسباب عضوية أو نفسية كالقلق مثلا.

2- أسباب الظاهرة الاجتماعية لِـ “تّْچْراعْ”:

أ- المفهوم الخاطئ للدين: انطلاقا من مفهوم أن الله هو الذي يرزقنا وينزل لنا الطعام، فلا بد من حمده على نعمه وهذا شيء طبيعي بالنسبة إلى جميع المؤمنين بالله.

و”ْتّْچْراعْ” في ثقافتنا يعتبر انطلاقا من هذا المعتقد أنه علامة للشبع من الأكل ومن الكرم الإلهي، فيكون متبوعاً بالحمد لله على نعمة هذا الطعام؛ لكن هل من واجب المؤمن أن يحمد الله ويشكره على النعمة أم على “تّْچْراعْ” الذي يزعج الآخرين بروائحه الكريهة ولحنه الموسيقي المزعج؟

ب- غياب ثقافة وآداب الأكل عند المغاربة: هي من الأسباب الأساسية لِـ”تّْچْراعْ”

– غياب ثقافة متعة الأكل: المغربي لا يأخذ الوقت الكافي للتمتع والتلذذ بالأكل، بحيث ينهي وجبة طعامه في أقل من 10 دقائق. كما أنه يأكل لكي يملأ بطنه تماما لكي لا يجوع بسرعة. ولهذا، تعوّد على ملئها بأكبر كمية ممكنة من الطعام في أسرع وقت ممكن. وعندما تتجاوزُ كمية الأكل المستهلك حجم سعة المعدة، تواجه هذه الأخيرة صعوبات في الهضم وتُخرج الغازات لتسوية الوضعية.

-الأكل بِـ”اللَّهْفَة” و”الزّْرْبَة”: ما زال المغربي يأكل بسرعة وبلهفة محاولا التهام أكبر نصيب من الطعام المشترك مع الآخرين و”يْقولْبْهُمْ”. والأكل باللهفة يمنع الفرد من المضغ بالتأني (مرحلة جد مهمة في عملية الهضم لأنها تساعدنا على إخراج الهواء من اللقمة) ويسرع في الابتلاع، وهكذا تدخل كمية كبيرة من الهواء إلى المعدة والتي يجب إخراجه من بعد بِـ”ْتّْچْراعْ”،

– الأكل في صحن واحد: هذه الطريقة تخلق المنافسة في الأكل لابتلاع أكبر حصة من الصحن وبسرعة فائقة.. والهدف هنا ليس التمتع بالأكل بل “الشّْتيفْ” وملء البطن. وهذه الطريقة تكون سبب في ابتلاع كمية كبيرة من الهواء لينتج “تّْچْراعْ”.

3- غياب التربية المتحضرة في العلاقات الإنسانية:

في المنزل، الكل كَـ”يْتْچْرّْعْ” وحتى في المدرسة الأستاذ كَـ”يْتْچْرّْعْ” بدون سانفونيا أو بِـ”سِّيلانْسْيُو”. وبالتالي يتأثر الطفل من هذه الظاهرة ويقلد نموذج المربي ولا أحد يشير إلى أن هذه العادة مسيئة لصورة الإنسان وليست من الأخلاق والأدب السلوكية اللائقة.

لكم الاختيار لنغير سلوكنا وأخلاقنا أو “نْبْقاوْ كَنتْچْرّْعو مْعا راسْنا وكل مغربي يطلق سانفونيا دْيالو ويلحن غازاته المضادة للروائح الطيبة”؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق