عيد العرش.. 20 سنة مع باني المستقبل

28 يوليو 2019آخر تحديث :
عيد العرش.. 20 سنة مع باني المستقبل
عبد الصمد فزازي///

مضت 20 سنة على اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين. سنوات شهدت خلالها المملكة تطورا ملحوظا على مستوى البنى التحتية وعلى المستوى الاقتصادي وتحولات ديموقراطية وسياسية وصفتها تقارير دولية بأنها رائدة في المنطقة، كما أثمرت حصد مكتسبات عدة على جميع الأصعدة جعلت المغرب يحتل مكانة مرموقة بين صفوف الأمم.
فبفضل الدم الجديد الذي ضخه الملك الشاب في شرايين البلاد، منذ بداية توليه الحكم، استطاعت المملكة أن تشق الطريق باستمرار وانتظام لتخطو خطوات حثيثة على درب الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي جعلت منها استثناء فريدا على مستوى شمال إفريقيا.
مكانة لم تكن لتعتلى إلا في ظل قيادة رشيد نحتت في صخر التحديات للوفاء بالعهد الذي قطعته على نفسها بالارتقاء بالمملكة في سنوات قليلة من عصر إلى عصر فيما يشبه المعجزات بمنجزات كبرى “صنعت مغربا رائدا” في عدة مجالات وعبدت الطريق نحو مستقبل زاهر ومتقدم للشعب برؤية متبصرة زاوجت بين المشاريع العملاقة المهيكلة وذات المردودية الاقتصادية الكبرى.
وبفتح صفحات هذه الحصيلة الضخمة للمنجزات التي تتحدث عن نفسها، فإن أبرز ما يلفت الانتباه هو الجهود المبذولة في مجال بناء الموانئ. فالمملكة، في عهد جلالة الملك محمد السادس، أضحت تتوفر على أكبر مركب مينائي بإفريقيا ممثلا في ميناء طنجة المتوسط، بالإضافة إلى العمليات المينائية لميناء طنجة المتوسط 2، وهو ما يمكن المغرب من التموقع كفاعل مينائي محوري يرتبط بـ186 ميناء و77 دولة عبر العالم.
كما قادت المقاربة المتعددة الأبعاد التي نهجها صاحب الجلالة إلى تأهيل وتطوير الشبكة الطرقية وشبكة الطرق السيارة، والنهوض بالنقل الجوي من خلال تقوية وتحديث السكك الحديدية.
ويشكل القطار فائق السرعة “البراق”، الذي دشنه جلالة الملك بتاريخ 15 نونبر 2018، أول مرحلة ضمن المخطط المديري الرامي إلى تطوير شبكة خطوط القطار فائق السرعة بالمغرب، والذي يعد مخططا على المستويين المتوسط والبعيد، غايته الاستجابة للتطور الحاصل على مستوى الحركية بالمملكة.
وبالنسبة لقطاع الطاقات المتجددة، ربح المغرب، رهان الاستفادة من مؤهلاته في هذا القطاع، حيث استطاع، بفضل العديد من المشاريع المهمة التي أنجزت في هذا المجال، في أن يصبح واحدا من الدول الرائدة على هذا المستوى، بتشييد إحدى أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم وأكبر محطة للطاقة الريحية بإفريقيا، ويتعلق الأمر بمركب الطاقة الشمسية نور ورزازات ومحطة الطاقة الريحية لطرفاية.
وامتدت الأوراش الضخمة إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة، التي رصد لها قرابة 17 مليار دولار لتنميتها على مدى السنوات العشر القادمة، وذلك خلال زيارة جلالة الملك السادس للمنطقة، عبر إطلاق أكبر مشروعين في العالم أولهما يتعلق بإنتاج الفوسفاط والثاني يتعلق بإنتاج الطاقة الشمسية.
ولم يغب الجانب الاجتماعي عن الوصفة الملكية التي مكنت من تحقيق نمو خلال الـ 20 سنة، لم يبلغه المغرب طيلة الـ 50 سنة التي تلت حصوله الاستقلال. فصاحب الجلالة، الذي عرف بـ “ملك الفقراء”، استحضر هذا البعد بقوة في مقاربته التنموية الشاملة بالحرص على النهوض بأوراش ومشاريع مكافحة الفساد والفقر والإقصاء، ودمقرطة الولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية.
وتعد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية إحدى أهم المبادرات الرئيسية التي أطلقها جلالة الملك، في 18 ماي 2005، والتي تروم توسيع مجال الولوج إلى الخدمات الاجتماعية، والنهوض بالأنشطة المدرة للدخل، ولفرص الشغل، وكذا تحسين ظروف عيش الأشخاص في وضعية هشاشة، أو ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتنضاف إلى مختلف هذه الأوراش، كافة الأعمال المتعددة التي تنجزها مؤسسة محمد الخامس للتضامن، تحت قيادة جلالة الملك، والرامية إلى إدماج ورفاهية الساكنة الأكثر هشاشة.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، فقد سجلت المملكة قفزة كبيرة في سياستها الخارجية تحت مظلة حكم صاحب الجلالة. وبلغت هذه القفزة ذروتها بانتقال جلالة الملك شخصيا إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ليشهد هناك العودة الرسمية للمغرب إلى الاتحاد الإفريقي.
وانبنى النهج الدبلوماسي لجلالة الملك على ثلاثة محاور استراتيجية أولها موجه نحو الولايات المتحدة الأمريكية، والثاني نحو دول الخليج العربي الماسكة بقدرات مالية ودبلوماسية كبيرة، وثالث نحو العمق الإفريقي الواعد بفرص النمو والاستثمار.
ورغم هذه الأجندة الممتلئة بالمواعيد والالتزامات، إلا أن جلالته كان يطلع بشكل شخصي على ترجمة مطالب الشعب المغربي على الأرض. وخير مثال على ذلك، المطلب الأمني، وهو الذي حرص على توفيره باعتماد رؤية حظيت بإشعاع دولي وحققت استقرار في محيط إقليمي وعربي وعالمي مضطرب.

وتمثلت هذه الرؤية في إخراج استراتيجية شمولية لم تقف عند حدود تقوية الدفاعات الميدانية بتطوير وتحديث المؤسسة الأمنية، بل امتدت إلى التصدي لأي استغلال إيديولوجي أو سياسي للدين عبر إطلاق معركة بلا هوادة في مجال التأويل الديني.
وارتكزت هذه الاستراتيجية، التي جاءت ثمرة لتفكير ناضج ومتبصر لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على ثلاثة محاور أساسية تتمثل في الوقاية، ومكافحة جميع أشكال الإرهاب وإعادة التأهيل، وهو نهج متعدد الأوجه أبان عن نجاعته وتحول إلى نموذج يمكن من المساهمة بفعالية في جهود المجتمع الدولي للتحصين ضد هذا التهديد، الذي أصبح يستهدف العالم بأسره.
هي حصيلة متميزة تكشف أن وجه المملكة تغير وتجدد بشكل كامل في الـ 20 سنة الماضية. وتبعث على الفخر بقائد يحدوه الأمل في تحقيق المزيد من الإنجازات التي تصبو لتحقيق المزيد من الخير والرفاهية للشعب المغربي، الذي بات، يوم 30 يوليوز من كل سنة، يحيله على ملحمة وطنية للبناء الشامل المتكامل على أرسخ القواعد لمغرب جديد، يتطلع إلى المستقبل بقيادة العرش الباني للمستقبل.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق