الدكتور المعزوزي يدقّ ناقوس الخطر حادثة السكتة الدماغية: كلنا مهددون، كلنا معنيّون!

26 أكتوبر 2020آخر تحديث :
الدكتور المهدي المعزوزي
جراح الأوعية الدموية (مجموعة خاصة)
الدكتور المهدي المعزوزي جراح الأوعية الدموية (مجموعة خاصة)
الدكتور المهدي المعزوزي (جراح الأوعية الدموية)

 

لسبب أو لآخر: الكولسترول، السمنة، السكري، الخمول البدني، التبغ، الحمل، والتقدم في السن، إلخ، نعيش أكثر فأكثر تحت تهديد السكتة الدماغية. لكن لا يمكننا الكشف عن التهديد وعلينا أن نفكر في حل، قبل فوات الأوان. وفيما يلي تحذيرات وشروحات ونصائح قيمة مقدمة من جراح الأوعية الدموية، الدكتور المهدي المعزوري.

حادثة السكتة الدماغية، ذلك القناص الذي يطلق الرصاص بعد الطلقات التحذيرية 

في فرنسا، تبلغ حالات السكتة الدماغية كل سنة 150.000 حالة، أي ما يعادل حالة واحدة كل أربعين دقيقة. 20 % منهم يفارقون الحياة في الشهر الموالي؛ ويحتفظ ثلاث أرباع من بين الناجين بمضاعفات نهائية.

وفي المغرب، لسنا بالتأكيد بعيدين جدا عن هذا الخطر، مع افتراض أن الكثافة الديموغرافية متساوية. لكننا لا نتوفر إلى حدود اليوم على أي إحصاء سكاني. وذلك على الرغم من التهديد الذي يمثله هذا البلاء في بلدنا كما في الخارج: تُعتبر حادثة السكتة الدماغية السبب الأول للإعاقة، والسبب الأول للوفاة في البلدان الغربية.

وأكثر من أي وقت مضى، بالنظر إلى إضفاء الطابع الغربي على مجتمعنا، وكذا بالنظر لظهور تهديدات صحية جديدة مثل فيروس كوفيد 19 الذي احتكر مجموعة من الجهود وما زال يسهم في حجب هذا المرض الذي يصيب بوحشية العضو الأكثر أهمية في جسدنا، لذا يتعين منح هذا المرض وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية الاهتمام الذي يستحقه. لكن أولا، نذكّر بماهية السكتة الدماغية.

وتعتبر السكتة الدماغية حادثا حادا يهدد إلى حد ما جزءا كبيرا من الدماغ، وذلك جراء انتقال جزء من صفيحة التصلب الشرياني، أو جلطة دموية أو نتيجة حدوث نزيف.

 

لماذا كلنا معنيُون؟

 

من بين عوامل التهديد المعروفة التي تسهل وقوع هذا الحادث، نجد التقدم في السن، والخمول البدني، وارتفاع الضغط الشرياني، والتبغ، والسكري، والسمنة، والحمل، واضطرابات نبضات القلب (خصوصا اضطراب النظم القلبي الذي يُطلق عليه عدم انتظام نبض القلب عن طريق الرجفان الأذيني)، واستخدام القنب الهندي ومضادات التخثر الفموية.

غير أن 35% من المغاربة البالغين يعانون من ارتفاع الضغط، و30% من الوزن الزائد، و15% من السمنة، و30% من عسر شحميات الدم (اضطرابات استقلاب الشحوم مثل ارتفاع معدل الكولسترول) و6,6% يعانون من السكري (يحصي بلدنا مليوني شخصا مصابا بالسكري ضمن الأشخاص البالغين أكثر من 20 سنة). إضافة إلى ذلك، لدى الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد أو من السمنة أو الذين يعانون من السكري، نجد نصفهم يعاني أيضا من ارتفاع الضغط الشرياني المرتبط بذلك، مما يرفع من احتمال الخطر. وأخيرا، لدى 60 % من الأشخاص البالغين أقل من 60 سنة ضحايا السكتة الدماغية الناتجة عن انتقال جلطة، فإن المسؤولية تقع على عاتق استمرار فتحة صغيرة في الحاجز بين أذيني القلب (الثقبة البيضوية السالكة وهي خصوصية تظهر لدى شخصين إلى 3 أشخاص من أصل 10 أشخاص).

 

ما العمل؟

عند حدوث السكتة الدماغية، يمكن تبني مجموعة من التدخلات العلاجية وذلك حسب خطورة الجدول السريري وتطوره.لكن، من الجلي أن التدخل السريع يلعب لوحده دورا حاسما في نجاة المريض وكذا في المضاعفات المستقبلية التي قد تظهر عليه. إذ يمكن لكل دقيقة ضائعة أن تساهم في فقدان إلى حدود مليوني خلية عصبية! هكذا، وعلى سبيل المثال، يمكن تنفيذ انحلال الخثرة أو الانحلال الكيميائي للجلطة خلال أربع ساعات الأولى. وهذه التقنية العلاجية قريبة من تلك المطبقة في حالة احتشاء عضلة القلب التي تعتبر هي الأخرى عملية مستعجلة خلال الساعات الأولى. وتوجد تقنية أخرى هي شفط الخثار التي يمكن تطبيقها خلال 24 ساعة إلى 48 ساعة الأولى. لكن هناك المزيد، وهي الوقاية. لأن حادثة السكتة الدماغية قاتل لا يقتل دون سابق إنذار أو على الأقل، يُنذر في غالب الأحيان. فهو يصيب ضحيته بعد أن يخطرها، أحيانا مرة وحيدة، أو مرتين، بل وثلاثا؛ ويصيب بعد حدوث علامات منذرة، تكون حاضرة، في غالب الأحيان، في 25 % من الحالات.

العلامات المنذرة

إنه لمن الضرورة إذن بمكان معرفة هذه العلامات المنذرة، وهذه الطلقات التحذيرية التي يطلق عليها AIT (النوبة الإقفارية العابرة):

إنه نقص، شلل، فقدان للحساسية بشكل حاد على مستوى الذراع أو الساق أو جزء من الوجه.

إنه تشوه على مستوى الوجه، الصوار الشفوي (زاوية الشفاه)، تدلي الجفون أو نزول الجفن العلوي.

إنها صعوبة في الكلام أو في الفهم.

إنه صداع نصفي غير اعتيادي.

إنها اضطرابات بصرية، إحساس بوجود حجاب أبيض أو أسود ينزل بشكل مفاجئ مع فقدان مؤقت للقدرة على الرؤية.

إنه فقدان للتوازن، أحيانا خفيف، ومتكرر.

إنه عدد من الأعراض، تسمى خمولا، متكون من عرق وغثيان غير مفسر.

إننا إذن أمام قاتل بالفعل، لكنه قاتل يقتل بعد إطلاق طلقات تحذيرية، سواء بشكل ضمني أو صريح. ويكون ضمنيا، عندما يكون المريض الذي قد يصبح ضحية حاملا لواحد أو عدة عوامل من هذه المخاطر المعروفة جدا: هنا يتم تحذيره واللبيب بالإشارة يفهم. وينبغي عليه علاج حالته الحرجة باعتباره مواطنا مسؤولا. ويكون صريحا، لأن ضربة التحذير قد أُطلقت مرة واحدة أو عدة مرات. وعليه التعرف على هذه النوبات الإقفارية العابرة وتحديدها وأخذها بعين الاعتبار عن طريق استشارة الطبيب بشكل مستعجل.

لكن هناك عامل مضلل يتمثل في التراجع السريع لهذه العلامات، وزوالها، مما يمكنه أن يثني المريض، أو الطاقم الطبي نفسه عن توجيهه نحو المستعجلات باتجاه مختص أو نحو وحدة متخصصة من شأنها إطلاق البحث والتحقيقات المحتملة. لأن 20 % من هذه النوبات تتحول إلى سكتة دماغية خلال الأشهر الثلاثة التي تلي وقوع الحادث. ومن هنا تتجلى أهمية التدخل السريع.

 

تعاون ضروري بين الطاقم الطبي وشبه الطبي

 

تبقى إعادة التأهيل أمرا أساسيا في جميع مراحل حادثة السكتة الدماغية، مهما كانت العواقب أو التقنية الطبية أو الجراحية المعتمدة، وتتطلب تعاونا وثيقا بين الطاقم الطبي وشبه الطبي، وفريق العلاج الطبيعي، إلخ.

يبدأ التدخل بالتشخيص المبكر بواسطة فريق عمل مختص في المجال، وإنما أيضا وقبل كل شيء من خلال توعية المريض وأسرته بخطورة حالته، خصوصا في حالة النوبة الإقفارية العابرة المنذرة.

وفي بلادنا، ينبغي أن يكون التدخل قبل أي شيء وقائيا. إذ يجب أن تشمل حادثة السكتة الدماغية والنوبة الإقفارية العابرة، حملة توعية سمعية بصرية مكثفة متكررة ومقنعة بشكل كاف. ويمكن تسهيل الإنذار ونقل المريض بموجب اتفاقية مع مصلحة المساعدة الطبية المستعجلة (SAMU)، وفرق الإطفاء وكافة أجهزة التدخل التي تتوفر عليها البلاد.

ولكن ينبغي أيضا الاعتراف بأنه خلال حدوث السكتة الدماغية، فالجدول نفسه يحذر، طالما أن الخطورة بديهية ومثيرة للقلق بالنسبة للأسرة التي ستتفاعل بشكل فطري، بينما يختلف الأمر عند المرضى المصابين بعوامل الخطر، وهي العوامل التي قمنا بحصرها وهي شائعة في بلادنا.

إن التعرف على العلامات التي من شأنها أن تنقذ المريض يعني الاعتراف بالعلامات التي ينبغي أن تنبه وتحذر أيضا عاملي الاتصال في مصلحة المساعدة الطبية المستعجلة (المناوبون) المعلومين والمنتدبين بصفة صحيحة لاتخاذ القرار اللازم مع توجيه المرضى نحو المؤسسات والأخصائيين المناسبين. الطمأنة بعض الشيء، لكن الإقناع بأي ثمن كان، بمجرد أن تظهر هذه العلامات، المرتبطة بعوامل الخطر، من خلال الاستجواب السريع. تبقى المهمة شاقة، لكنه الثمن الذي سينبغي سداده لإنقاذ ملايين المرضى كل سنة من الموت أو من الإعاقة الشديدة.

المصدر (آش24)
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق