الثلوج تعمّق مأساة الرحل وتضع الأطفال أمام الموت بإقليم تنغير

29 نوفمبر 2018آخر تحديث :
الثلوج تعمّق مأساة الرحل وتضع الأطفال أمام الموت بإقليم تنغير

إذا كان فصل الشتاء بالنسبة للبعض فرصة للترويح عن النفس، والاستمتاع بالمناظر الجميلة لبعض المدن التي يكسوها الثلج خلال هذه الفترة السنوية، فإنه يعمّق من معاناة سكان الدوائر القروية الذين يكابدون شظف العيش مع حلول هذا الفصل؛ بحيث يجبرهم على الدخول في عطالة إجبارية طيلة شهور عديدة، دون إغفال خطر الموت الذي يتهدد الرحل في المناطق الجبلية، لا سيما الرضع والنساء، جراء صعوبة التنقل صوب المستشفيات الإقليمية.

وأفادت مصادر مطلعة جريدة هسبريس الإلكترونية بأن امرأة حبلى وافتها المنية وهي في طريقها لتضع مولودها الرابع، منذ نحو أسبوع، بدوار “أيت موسى” في جماعة “إغيل ن أومكون”، التابعة ترابيا لإقليم تنغير، بعدما قطعت ثمانين كيلومترا من الجماعة القروية في اتجاه مدينة قلعة مكونة بغية نقلها من هناك صوب المستشفى الإقليمي لمدينة تنغير، لكنها وصلت جثة هادة في نهاية المطاف.

وخلفت هذه الواقعة استياء كبيرا في صفوف سكان الجماعة القروية، خاصة أن هذه الحوادث تتكرر بشكل سنوي، مبرزين في تدوينات مختلفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن “السلطات المحلية تكتفي ببعض الإجراءات الترقيعية فقط، بينما لا تتم معالجة أصل المشكل المتمثل في غياب الأطر الطبية بالمناطق القروية بشكل أعم”.

وتلفظ عشرات النساء الحوامل أنفاسهن الأخيرة على متن “سيارات النقل المزدوج” بجل المناطق القروية، بسبب عدم توفر الجماعات على سيارات إسعاف تُسند إليها مهمة نقل المرضى والحالات الخطيرة إلى أقرب مستشفى إقليمي؛ الأمر الذي يساهم في تزايد حالات الوفيات.

وفي هذا الصدد، قال محمد احبابو، ناشط حقوقي بمنطقة إملشيل، إن “نساء المناطق القروية أصبحن واعيات بخطورة الولادة خلال الفترة الشتوية؛ لذلك يتفادين ما أمكن الإنجاب في الشهور التي تُعرف بقساوة المناخ”.

وأضاف حبابو، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “دائرة إملشيل لم تسجل أي وفاة خلال الفترة الحالية، بفضل توفر بعض الخدمات الصحية، لكن النساء أصبحن يتمتعن بوعي نسبي، لا سيما أن أقرب مستشفى إقليمي يبعد عن القرية بـ 250 كيلومترا، سواء تعلق الأمر بالمستشفى الإقليمي بميدلت أو المستشفى الجهوي مولاي علي الشريف بالرشيدية”.

وأبرز الفاعل الجمعوي ذاته عدم وجود طريق رئيسية تسهّل التنقل على المرضى، وقال: “نتوفر فقط على مسالك جبلية وعرة”، داعيا إلى إقامة مستشفى ميداني بمنطقة إملشيل منذ الآن، “لأنه يساهم في خفض نسبة الوفيات، لا سيما النساء الحوامل والأطفال الذين يعانون من بعض الأمراض التي تنتشر بسبب البرد؛ إذ تصل درجة الحرارة إلى ناقص عشرين خلال بعض الشهور”.

ووجه بعض النشطاء في الموقع الأزرق رسالة إلى وزارة الداخلية ومجلس درعة تافيلالت، تطالب بتوفير مروحية طبية بشكل استعجالي في أقاليم تنغير وزاكورة وورزازات وميدلت، فضلا عن تعزيز الموارد البشرية الطبية وشبه الطبية بالمناطق القروية، محذرين من تكرار فاجعة محاصرة الثلوج للرحل في مثل هذه فترة من السنة الماضية.

جدير بالذكر أن الملك محمدا السادس أصدر تعليماته إلى القوات المسلحة الملكية من أجل إقامة مستشفيين ميدانيين؛ الأول بواويزغت بإقليم أزيلال، والثاني بأنفكو بإقليم ميدلت، بهدف مواجهة قساوة فصل الشتاء.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق