في تاريخ معظم الشعوب هناك لحظة تاريخية حاسمة يظهر فيها بعض الرجال ينجزون فيه أمورا عظيمة لأنهم كانوا يفكرون خارج الصندوق، ويرتفعون إلى مستوى خدام الدولة الحقيقيين.
ومن هذه الطينة في المغرب، نجد على سبيل المثال لا الحصر رجال السلطة الذين أبانوا عن معدنهم في زمن “كورونا” وما تلاها من محطات عصيبة، ما زالت تبعاتها مستمرة إلى اليوم، ومعها تعبئة متواصلة من طرف أفراد هذا الجهاز في سبيل العبور بالمملكة إلى بر الأمان عبر تنفيذ سياسة الدولة الطامحة إلى تغيير حياة المواطن المغربي نحو الأفضل.
لن نقفز على أن الكثيرين قد يكون لديهم تحفظ على هذه المقدمة نظرا للصورة التي ما زالت مطبوعة في ذهنهم عن هذه المؤسسة، نظرا لبعض السلوكات الفردية الصادرة عن فئة قليلة عهدت إليها مسؤولية خدمة المغاربة إلا أنها ارتأت تغليب مصالحها الشخصية على المصلحة العامة، لكن الإنصاف يقتضي التوقف، اليوم، للحظة والتأمل في المجهود الخرافي المبذول من طرف رجال الداخلية ومصالحها في هذا الزمن المليء بالتقلبات في العالم.
فبفضل هذه النوعية من “خدام الدولة” تجاوزنا ظروفا صحية استثنائية، كنا نتابع خلالها التطورات المتلاحقة لتفشي الفيروس عن بعد، وهم يظهرون في كل الأماكن والأوقات، حرصا على سلامتنا.
ومن خلالهم وباقي جنود الصفوف الأمامية ها نحن اليوم نعود إلى عيش حياتنا الطبيعية بجميع أشكالها وسلوكياتها، بعدما عبرنا من ضفة العديد من مراحل الصعبة، بفضل تعبئتهم الاستثنائية.
وهي تعبئة، كما يعلم الجميع، كانت في ظل ضغوط كثيرة تشتغل فيها هذه الفئة على مدار 24 ساعة، والتي تجندت بكل حزم ومسؤولية في الصفوف الأمامية فداء للوطن على امتداد شهور عديدة استحق على إثرها الولاة والعمال “استراحة محاربة” دامت لأول مرة 21 يوما من العطلة انتهت قبل أيام قليلة بالنسبة للبعض منهم، وذلك في وقت تغييب فيه الكثيرين عن الساحة، وفي مقدمتهم السياسيين.
لذا، فإذا قمنا بقياس هذه الأدوار بالفارق الزمني وبحالة الطوارئ التي تعيشها البلد، وإن خفت درجتها في ظل تراجع انتشار الفيروس، سنقف على أهمية العمل الكبير الذي قاموا به.
وقد تظهر لنا جوانب أخرى مضيئة أكثر، إذا ما دققنا في حجم المجهودات التي تبذل حاليا لتنزيل إجراءات ومبادرات حاسمة ومساعي للولاة يعمل لخلق مناخ للاستثمار وجلب وإقناع المستثمرين لركوب مخاطر استثمارية بنفوذهم الترابي، لتخفيف وطأة أزمات عالمية تكالبت مع الجفاف لتزيد صراع الصمود بالنسبة للمواطن. وذلك دون أن ننسى مسؤوليتهم في خلق نوع من التناغم والضبط المؤسساتي والمجالي من خلال التسويات العامة للنزاعات.
لهذا من إنصافنا لذواتنا أن نقول كلمة في رجال صدقوا “الله والوطن من أجل راحتنا وسلامتنا”.. وهي شكرا لكم.. شكرا على كل تضحياتكم من أجل أن يتعافى الوطن ويخرج قوة أمام العالم، في ثوب بلد رائد يصنع من الأزمات المعجزات، وذلك ما أبان عليه بوضوح، في سنة 2022، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بتسجيل انتعاش رصين وسريع وواعد، لازمه إطلاق أوراش اجتماعية كبرى برؤية متبصرة وإرادة قوية وعزم أكيد على جعل المواطن المغربي بمختلف شرائحه ينعم بحياة رغدة قوامها الكرامة والعدالة والمساواة الاجتماعية.