نزلت وزارة الداخلية بكل ثقلها للحد من ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية، بعد موجة الزيادات التي استعرت بفعل المضاربات محدثة أثرا بات واضحا على القدرة الشرائية للمواطنين.
فبمجرد إعطاء التعليمات بوقف غول الارتفاعات، بدأت تحركات مكثفة وسط تعبئة عالية وسط مسؤولي “أم الوزارات” بهدف تنزيل الإجراءات الاستعجالية المتخذة لتدبير هذه الظرفية، عبر عقد اجتماعات متتالية لتحديد طبيعة الخطوات المعتمدة للسهر على عودة الأثمان إلى مستواها العادي.
وهكذا، عقد، أمس الخميس، اجتماع بوزارة الداخلية، خصص لتدارس سبل تفعيل مختلف الإجراءات الضرورية التي من شأنها تلبية متطلبات السوق الوطنية وتوفير مخزون كاف وبكيفية منتظمة من جميع المواد الأساسية، فضلا عن التدابير الكفيلة بضمان سلامة المستهلك والحفاظ على قدرته الشرائية ومحاربة مختلف الممارسات المنافية لذلك.
وقدم، خلال هذا الاجتماع، الذي حضره إلى جانب عبد الوافي لفتيت، وزراء الاقتصاد والمالية والفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات والصناعة والتجارة والانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، تفعيل لجنة وزارية مشتركة رفيعة المستوى لليقظة وتتبع تموين الأسواق والأسعار، ستعمل بشكل متواصل إلى غاية انقضاء شهر رمضان، بغرض تتبع وضعية تموين الأسواق الوطنية ومستوى أسعار المواد الأساسية، ومعالجة الإشكالات وتأطير وتعزيز تدخلات المصالح المكلفة بالمراقبة وبحماية المستهلك وآليات التنسيق بين مختلف الإدارات والهيئات المعنية.
وجرى التأكيد على تعبئة لجان للمراقبة على مستوى كافة جهات وعمالات وأقاليم وعمالات مقاطعات المملكة، تحت الإشراف الفعلي للولاة والعمال، لتأمين التتبع المنتظم لمختلف سلاسل الإنتاج والتسويق ولوضعية الأسواق، ومعالجة الاختلالات المحتملة التي قد يتم تسجيلها على المستوى المحلي، وضمان شفافية المعاملات التجارية والتصدي لكافة الممارسات المشبوهة واتخاذ ما يلزم من عقوبات في حالة ثبوت أي إخلال بالقوانين الجاري بها العمل.
كما شدد على ضرورة تعزيز عملية المراقبة الميدانية المتواصلة، باعتبارها السبيل الأنجع لكسب رهان دعم القدرة الشرائية للمواطنين والحفاظ على استقرار الأسعار وضمان التموين المنتظم للأسواق، وكذا التصدي بالصرامة والحزم اللازمين لكافة أشكال المضاربة والاحتكار غير المشروع ومختلف الممارسات غير المشروعة التي من شأنها الإخلال بالسير العادي للأسواق والإضرار بصحة وسلامة المواطن وقدرته الشرائية، واتخاذ ما يلزم من عقوبات في حالة ثبوت أي تجاوزات للقوانين المعمول بها في مجال الأسعار والمعاملات التجارية وحماية المستهلك.
ولم تقتصر حالة الاستنفار المعلن عنها في الداخلية على المستوى المركزي. فبالتزامن مع مناقشة سبل تدبير هذا التحدي، كانت هناك تحركات ميدانية، إذ شرع في تنظيم دورياتها من أجل مراقبة الجودة والأسعار ووضعية التموين بالأسواق ومختلف نقاط البيع، لضمان تموين كافي على صعيد جميع نقاط البيع والتوزيع.
ورافق هذه الجولات إجراءات تحسيس للتجار بأهمية هذه القضية التي تؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين، وتبني موقف مواطن من خلال اقتراح أسعار معقولة للمنتجات غير المقننة التي تخضع لقانون العرض والطلب.
وتضمنت التوجيهات التي أعطيت لممثلي الوزارة في مختلف جهات المملكة باعتماد مقاربة تقوم على التنسيق بين مختلف الفاعلين المعنيين من أجل وضع تدابير ملائمة، إلى جانب ضرورة تفعيل عمل لجان مراقبة الجودة والأسعار ومحاربة المخازن السرية.
ويأتي أخذ الداخلية بزمام العمل على عودة الأسعار للاستقرار ليعكس كيف أضحت “أم الوزارات” صمام أمان في تدبير الرهانات والتحديات الكبرى بالمملكة، وهو ما برهنت عليه في أكثر من مناسبة، وعلى الخصوص في امتحان “كورونا”، الذي أعطى خلاله المغرب دروسا بليغة جعلته نموذجا يحتذى به في بالنسبة للبلدان النامية الباحثة عن الوصفات الناجحة لخلق دروع في مواجهة الأزمات.